Friday, April 24, 2009

ليلة الامتحان...بحكم الفراغ..قررت الذهاب للمؤتمر..وهذا بعض ما حدث


بعد جهاد دام ثانيتين, نجحت أنا مي في فتح باب القاعة الضخم...ودخلت..

في الثاني والعشرين من ابريل هذا العام, على منصة هي من ابعد منصات الجامعه العبرية حرم جبل المشارف في القدس المحتل. كان يقف بكل ثقة واعتزاز, ينظر للعالم من وراء تلك النظارات الشفافة, حسب العلم, والمليئة بالنتوئات والالوان والتشوهات, حسب
رأيي! وما العلم امام رأيي؟
هو كان محرر الصحيفة الدنماركية التي نشرت الكاريكاتير المسيئ لخير خلق الله رسولنا محمد عليه صلاة الله وسلامه.
وأنا كنت, كالعادة, أقلية! داخل القاعة,أقلية. داخل الصف, أقلية! داخل الجامعة , داخل القدس, داخل فلسطيني, اقلية!
كنّا محطّ انظار الجميع, كنا نحن مركز الكون, كانت عيونهم تتبع ملامح وجوهنا وتعابيرها لتستفز فينا ردود الفعل. فلطالما كنا عبارة عن ردود فعل ليس اكثر ! واسهل ما عليهم هو استفزازنا.
كانت الكاميرات ومكبرات الصوت والاضاءة تطفي على الجو شعورا بالأهمية والحصرية. كما وأن عدد الحرس ورجال الامن كان ملفتاً للأنظار, وكأن نور أوباما حلّ علينا ! (اي نور؟ يا دوبك يضوي خلقته) لم استغرب عدد الحرس , فالضيف الكريم مستهدف, ويجب الحفاظ على سلامته من ساسه لراسه, يجب ان يعود الى وطنه بكامل أعضاءه+ النظارة.
بدأ يرصف كلماته ويكون جملا مستفزة مشوهة مليئة بالافكار المسبقة. ولكن, هل يعقل ان تلك الافكار من صنع
مخيلاتهم فقط؟ ألم نساهم نحن في خلق تلك الافكار؟ أكاد اجزم ان لنا النسبة الكبرى في تصدير وترسيخ تلك الافكار فيهم. كيف لا وقد كان أول من نادى بعدم حضور أي طالب وطالبة للمؤتمر شخص منّا وفينا! عدم حضورنا ما هو الا تجذير فكرة اضطهاد الاسلام لحرية التعبير ورفضه للنقد أياً كانت الاسباب والظروف. لا أدعم موقف الصحفي ولكن "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".

كان عنوان المؤتمر, "حرية التعبير, ضحية الدين؟". وكأن حرية التعبير اشتكت لهم أو طلبت منهم العون ! احد الاشياء التي اثارت غضبي, وكانت عدّة, هو تمحور المؤتمر حول الاسلام وكبته لحرية التعبير, والإيحاءات الكثيرة التي كادت تنطق وتقول ان المسلمين أمة غوغائية همجية ارهابيه بربرية. شئ اخر لفت نظري هو خلطهم ما بين الإسلام والمسلمين, اي تعميم اي تصرف فردي لمسلم او لمجموعة منهم على الدين كله. هل نسي, وهو المثقف, ان التعميم يدرّس كمغالطة وليس كمنهج يُتّبَعْ؟
لن اعترض, بل سوف أدعمهم لو كان كلامهم عن تلك الفئة المتخلفة التي تنتمي للاسلام وتقتل الابرياء وترهب الناس بإسم الله. ولكن دون نسب هذه الصفات لدينهم ! الإسلام يؤخذ من أصوله, وابدا ليس من تصرفات المسلمين.
ما حدث في الدنمارك وفي احدى الدول العربية, إثر نشر الرسوم, كان فظيعاَ من أعمال همجية وحرق للسفارة وعنف غريب لا يمت للاسلام بصلة. ولكنه كان رد فعل طبيعي ومتوقع لأمة تمشي بعيون مغمضة وراء مشاعرها. اعتقد انه لو كان الرسول عليه الصلاة والسلام بيننا لما سمح بذلك, ولاختار النقاش رد فعل!
إحدى النقاط التي اثيرت في المؤتمر كانت أننا لا نستطيع ان نأخذ بعين الاعتبار مشاعر كل فرد على وجه البسيطة قبل ان نكتب او
نرسم شيئا ناقداً. وأن ما يزعج لليهود والنصارى من كاريكاتورات تسئ للمسيح والسيدة مريم العذراء والمحرقة والبطولة, يعجبنا ويكون مدعاة للضحك والتسلية! كذلك الامر بالعكس, ما يزعجنا من رسومات تسئ للرسول تفرحهم.
ولكن الأمر ليس كذلك, وانا عن نفسي لا اجد اي تهكم على رمز ديني مدعاة للضحك والسخرية.
ما ساهم في غليان دمي كان اعتباره للرؤساء "المسلمين" رموزا مسلمة يستطيع هو أن يستنبط منها افكار الدين الاسلامي
وشروطه وأحكامه !!!
لا ادري ولا استطيع ان افهم كيفية تفكير هذا الانسان "المثقف", اين هو من الموضوعيه ؟
لقد كان موقفه ضعيفا جداً امام اسئلة صديقتي "هبة" التي ساهمت في احراجه و "حشره بالزاوية" عندما ادعى ان المسلمين في ايامنا ارهابيين بقتلهم للأبرياء, فردّت عليه بحدّه وقالت له "ما هو الارهاب بنظرك؟" عندها,قوس قزح تجسد في ملامحه, وعدسة الكاميرا تركزت في وجهه العاجز عن الكلام , في حين كان يبحث لنفسه عن مخرج من ذلك المأزق, فهو لا يريد ان يعرّف الارهاب بطريقة تدرج اسرائيل تحت التعريف, ومن ناحية اخرى لا مفر له من الحقيقة ! رد عليها قائلا " انه موضوع شائك ولكننا جميعا نعرف ما هو الارهاب, انه قتل المدنيين والابرياء". في هذه اللحظة, ابتسمت انا وابتسمت هبة وقالت " إذن, ماذا تسمي كل ما يحدث في غزة؟" وصمت الجميع . التفت ليذهب لمقابلة تلفزيونيه. فقلت له "اريد فقط ان اقول لك شيئا واحدا, إعرف من هو الرسول ومن ثم ارسمه! أنا متأكده انك سترسمه بشكل اخر, ستكتشف انه بقدر من الروعة والكمال الغير قابل للرسم!" إبتسم ومد يده ليصافح...ولكن... مي وفصولها الناقصة!.....:D